
من السبت إلى السبت
كمال حامد
ويتجدد الكلام عن الريس نميري(1-3)
كتبنا كثيرا عن الريس جعفر محمد محمد نميري في ايام حكمه و اقل بعد نهاية حكمه و كثيرا بعد وفاته ،و كلما اقرا او أتابع حاجة عنه احس باننا نحتاج لنتابع المزيد،و هذا الاسبوع اعطاني أخي و صديقي الدكتور عمر الجزلي تسجيلا كاملا للحلقات الكاملة لبرنامجه التاريخي اسماء في حياتنا، ظللت طيلة الايام الماضية أتابع و اعيد و ابتسم و احيانا اضحك و احيانا تطفر مني دمعات.
قررت هذا الاسبوع اشرككم باستعراض ما عندي و ما ذكرتني به حلقات الجزلي مع نميري ،و ادعو لكل من يرى عنده ما يضيفه ان يتواصل معي و بدوري ساتواصل مع شخصيات معينة للمشاركة و رحم الله رفيق درب ابعاج اخانا العزيز الفريق حسين صالح سكرتيره و مدير مكاتبه فقد وعدني بتسجيل حلقة تلفزيونية و المشاركة في كتاب و الحمد لله فقد بر بوعده و سجلنا حلقة ممتعة ليتها موجودة اما مشروع الكتاب فقد راح مع وفاة الأخ حسين قبل شهرين رحمه الله و رحم الريس و رحمنا جميعا.
ابدا بالكتابه عن جعفر محمد محمد نميري هكذا اسمه لان والده خرج للحياة بعد وفاة والده (جده)و اخترت الاسرة في قرية ود نميري اسم الوالد للابن اليتيم محمد محمد نميري اراها بداية معقولة لمقال الاسبوع و جعفر الأوسط بين اخوته الثلاثة الاكبر مصطفى و الأصغر عبد المجيد الذي توفى شابا.
نميري حكى بعضا مما اشيع بان والده و والدته توفيا في يوم تخرجه و اوضح ان وفاتهما في حادث مروري باصطتدام سيارة تاكسي كانت تقلهما من امدرمان للخرطوم الى الباصات الى مقرهما بمدني،و صف الريس الأمر وسط عبرات إصابت صوته.
قال ( ودعتهما و كنت متوجها لمقر عملي في جبيت و هما الى مدني ،و أنا أقترب مع سائقي لكوبري امدرمان الي محطة الخرطوم لاحظت تجمعا حول عربة محطمة و -مفجخة – بسبب استضامها بالترماي و طلبت من السائق التوقف لنرى و رأيت منظر الدماء و معلومات عن نقل المصابين لمستشفى امدرمان) واصلت طريقي لمحطة السكة حديد متاخرا و ومتاثرا للحادث و الدماء،و لم أعرف انها دماء والدي و والدتي.
و يواصل (من شدة التاثر و وصولي المحطة متاخرا دخلت مسرعا للقطار و لم أجد مكانا و جلست في عربة البوفيه بعد أن علمت بأنني استقليت خطا قطار اكسبريس حلفا و ليس قطار مشترك بورتسودان الذي يوصلني الي جبيت،في محطة الجيلي سمعت ناظر المحطة يصيح باسمي،نزلت و ابلغني بوفاة والدتي في حادث،سبحان الله انه نفس الحادث نزلت و طلبت عربة من بحري اقلتني لامدرمان و ابلغوني بان الوالد لا يزال في المستشفى،بعد التشييع ذهبت إليه و كانت حالته غير مستقرة و ابتسم لحضوري و لكنني لم ابتسم لأنه سألني عن الوالدة و أشار علي الحاضرون بالا ابلغه بوفاتها،و لحق بها بعد سبعين يوما رحمهما الله).
كانت الفقرات السابقة مما ذكرت بانها أدمعت عيني، و اما ما جعلني ابتسم و احيانا اضحك ففي ما ذكر من معلومات طريفة في حياته،منها عبارته بان( الشيوعيين خمونا) و هو يعلق على قرارات التأميم و المصادرة في اول ايام مايو التي تراجع عنها بل إضاف بان الحكومة اعتذرت لبعضهم و دفعت تعويضات.
عن مدرسة حنتوب الثانوية تحدث نميري كثيرا ،عن زملائه و لو كنت المحاور لسالته عن حكاية (طيش حنتوب) و التي سئل عنها مرة دفعته المرحوم ابراهيم منعم منصور الذي أجاب لم يكن الطيش و لم يكن الاول كان طالبا عاديا لكنه متفوق في كل ضروب الرياضة و رئاسة الداخلية.
قال المرحوم الاستاذ محمد ابراهيم نقد بانه مرة غرق في حنتوب و أنقذه نميري،على هذه علق (مش نقد يراه كتيرين غرقوا و أنقذناهم لان العوم كان في النيل الأزرق مش في حوض سباحة و أنا ذاتي مرة غرقت و انقذوني بالرفاس مع اني كنت أجيد السباحة اما في الكورة كنت كابتن الفريق الاول لحنتوب و نلاعب اندية مدني و نفوز عليها.
حين تأتي سيرة الكورة و الرياضة تحس بنميري يعدل جلسته و يتحدث بمزاج عن علاقته بالمريخ و مهاجمه الفذ في مطلع الخمسينات عصمت معني،عن كورة مدني و هاشم ضيف الله و نجم الأهلي بادي،و يقول منذ صغري بعمل حاجات رياضية مثيرة فمثلا كنت امشي على يدي مشية العقرب لمسافة طويلة لما يقارب الساعة و هذه نفعتني فيما بعد في دخول الخنادق و اعلم ذلك للاخرين،
مرة كنت في المدينة المنورة و نحلق حول المرحوم الزعيم الشريف حسين الهندي امام باب السلام الذي ظل لفترة طويلة مركزا لتجمع السودانيين و جات سيرة نميري الذي يهاجم الشريف سياساته بقوة ،و فجأة صاح احد الحاضرين واصفا نميري بالبليد،اوقف الشريف الحديث معلقا و نافيا عن الريس صفة البليد بل قال انه (ذكي جدا و الدليل تعامله مع عدد كبير من حملة الدكتوراه و حاولت احصاءهم و تجاوزت الالف.)
اقف عند ذكاء نميري او على الاصح ذاكرته القوية و اذكر بعض المواقف لشخصي الضعيف معه فقد كنت مايويا كبيرا من خلال عملي في تنظيم اتحاد شباب السودان في عطبرة و المديرية الشمالية،الى اغترابي عام 1975م.
بعد نهاية مايو و اقامة الريس بمصر كان يرفض الاحاديث الصحفية لفترة و حدث ان كنت في القاهرة في مهمة رياضية ضمن اللجنة المنظمة من الاتحاد العربي لكرة القدم في احدى المنافسات و علمت من الأخوة بمكتب صحيفة الشرق الأوسط و مجلة المجلة اللتين كنت المسؤول الرياضي لهما في السعودية ،ابلغوني بفشلهم اجراء حوار مع نميري، دقيت صدري و قلت ساحاول،و فشلت كما ابلغني الأخ الواثق سكرتيره الخاص.
التقيت في احد مقاهي القاهرة بالاخوين العزيزين رئيس المريخ عبد الحميد حجوج و عضو المجلس هاشم الزبير رحمهما الله و علمت منهما انهما يترددان كثيرا على فيللا الطاهرة التي يقيم فيها الريس و ابلغتهما برفضه اجراء حوار صحفي ،و ذكر الأخ هاشم بانه سياتيني بموافقته لأنه لا يرفض طلبا للمايويين ،
فعلا بعد يومين ابلغني الأخ هاشم الزبير بطريقته الثورية (ياللا قوم تمشي للريس فقد وافق لك لاجراء الحوار الاول و لكنه لم يتذكرك رغم ابلاغي له بانك من قيادة شباب مايو،المهم وافق).
ابلغت الدكتور جمال عنايت مدير مكتبنا بالقاهرة و سعد بذلك و ووجه المصور المعروف حسام دياب بإعداد نفسه والسيارة، توجهنا و معنا الأخ هاشم الزبير و بمجرد ان وقع نظر نميري علينا ابتسم و قال ( نعم عرفته ديل شباب عطبرة الذين قادوا القطار يوم اضربت السكة الحديد) طبعا لم أعلق و اصححه بان لا علاقة لي بالموضوع و بانه يقصد اخانا المرحوم محمد خليفة طمبل الذي قاد مع اخرين القطار.
جلست مع نميري اجيب على اسئلته عن ناس عطبرة و اخبار لجنة الشباب التي يراسها الأخ بابكر ابوقمزة و خلفه هاشم محمد عثمان و مكاوي.
و حين علم بأنني أعمل بجريدة الشرق الأوسط سألني ،ليك كم سنة ?اجبته سبع سنوات،كرر السؤال أنا احرص على هذه الصحيفة يوميا و لم أجد أن الله فتح لك يوما لتكتب كلمة واحدة عن ثورة مايو?تصببت عرقا و حاولت الإجابة بأنني في الصحيفة لا علاقة لي بالسياسة لاني مسؤول القسم الرياضي،ظننت أنني تخارجت من المطب لكنه عاجلني بسرعة( طيب الان جيت مصر لعمل رياضي و جيت تكوس السياسة).
الحمد لله تم الحوار و كان الأول و نشر في صحيفة الشرق الأوسط و مجلة المجلة،و احدث ردود فعل كبيرة و أتذكر من ذلك الحوار مفاجاته لشخصي بسؤال ان كنت زرت الأهرامات? أجبت لم ازرها هذه المرة و لكن زرتها من قبل، سأل ما اسم الهرم الاكبر?اجبت خوفو، سال ضاحكا هل يوجد حجر أساس اسفل الهرم يحمل اسم خوفو? و شرح المقصود بالسؤال،(الجماعة كسروا حجر أساس قاعة الصداقة لاني بنيتها،بعد كسروا الحجر و غيره هل سيقول الناس بناها احمد الميرغني او الصادق المهدي? )
موقف اخر كنت شاهدا عليه يدل على قوة ذاكرة نميري،فقد اقام ليلة مدائح و كرامة بعد عودته من رحلة علاج بامريكا بعد سنوات من وجوده بمصر وقمت مع اخرين بالدعوة وسط السودانيين و كان معي بالفندق المرحوم يحيى الطاهر المارشال القيادي الرياضي المعروف ،ذكر بانه لن يحضر اللقاء لأنه مرة هاجم نميري و وصفه ببيع ملعب البلدية ببحري للكوريين لاقامة فندق قصر الصداقة ذكر بان لنميري ذاكرة قوية و أخشاه اقنعناه بان ذلك كان من سنوات و معقول يكون اطلع على الصحف الرياضية? المهم اقنعناهو ورافقنا و جلسنا في طاولة طرفية،و كان الريس يطوف على الخاضرين و يمازح و يسال ،لاحظت ان المارشال يحاول اخفاء وجهه ، و لكن حدث ما كان يخشاه،لمحه النميري و بدون مقدمات (أنا يا المارشال بعت الملعب من اجل فندق قصر الصداقة?) و حاول المارشال ان ينكر،قال له (ما تنكر الان اجيب ليك الجرايد) ومتنا من الضحك و المارشال يعلق( ما قلت ليكم الراجل دة صعب،شكيتكم على الله،خلاني اقل من السمسمة.)
اقف هنا مع هذه المحطات مع الريس ابعاج و إن شاء الله أعود بحلقة ذكريات اخري ،بعد ان اتلقى ممن طلبت منهم المشاركة بما عندهم ربنا يرحمه و يوسع قبره مدد بصره.
تقاسيم تقاسيم تقاسيم
تحية كبيرة للدكتور جمال الطيب مدير مستشفى النو بامدرمان الفائز بجائزة أورورا الدولية عن أداء المستشفى خلال الازمة ،و فوزه بمليون دولار ،طبعا اهتم الناس كما اهتميتو الان لمعرفة نصيبه من هذا المليون علق بان نظام الجائزة يمنح معظم المبلغ لاسرة و مشروعات المستشفى المذكور.
حسنا فعل اخوتنا بمصر باقامة احتفال كبير لاستاذنا الصحفي الرياضي المخضرم محمد محمود هساي و تمنيت المشاركة و الرجل يستحق فقد أعطى المهنة كل حياته ،ليتنا ننجح و نحتفل بهساي في موطنه و مرتع صباه الدامر و عطبرة.
يهتم العالم بانتخابات العراق و ليبيا و لا أحد يجيب سيرة لانتخابات في السودان و لو بعد حين? ان صح بأن بعض سياسيينا لا يريدون انتخابات ، هولاء يبحثون لهم عن مجال آخر غير السياسة لان السياسة حرية سلام و عدالة و انتخابات ،و الا مش كدة?
اعلنت موريتانيا قانونا يجرم رمي العملات نقطة على الفنانات و الفنانين ،و جاء في القانون عقوبات غرامة و سجن و إغلاق الصالة .
أخيرا تعالت أصوات في الاتحاد الافريقي تسأل عن ضعف صوت المجتمع الدولي امام ما يحدث من جرائم ضد الانسانية في القارة و حددوا السودان و الكنغو كمثال بالمقارنة مع جرائم اقل في اوكرانيا و الشرق الأوسط تجد اهتماما اكبر.
فقدنا هذا الاسبوع عددا من المعارف و الاصدقاء منهم الفنان المسرحي الاستاذ عبد الحكيم الطاهر، و كذلك بلغنا خبر وفاة صديقنا و جارنا بحي المربعات عطبرة الفنان مبارك محمد بخيت ،العزاء لاهلهما و اسرتيهما بالعاصمة و الشمالية و أنا لله و أنا إليه راجعون.
انتقل لرحمة ربه بالرياض الشاب جمال عبد المنعم عبد العال حميدة، رحمه الله و رحم والده الرياضي المعروف و العزاء للأخوة بالرياض و الاهل بودمدني و أنا لله و أنا إليه راجعون.
قد نلتقي السبت القادم إن كان في البدن صحة و في العمر بقية.
بصيرتي برس.. بصيرة الوطن